الرئيسة \  واحة اللقاء  \  قمّة السبع: المناخ والضرائب كخلفيّة للسياسة! 

قمّة السبع: المناخ والضرائب كخلفيّة للسياسة! 

13.06.2021
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي 
السبت 12/6/2021 
لا يتعلّق اجتماع "قمة السبع" في بريطانيا بلقاء الدول التي تمثل أكبر الاقتصادات في العالم فحسب، فهذا الاجتماع لا تحضره الصين، ثاني أكبر اقتصاد عالمي، كما أن روسيا، الدولة الأكبر مساحة في العالم، وإحدى الدول الخمس صاحبة حق النقض في مجلس الأمن الدولي، التي كانت تحضر اجتماعاته سابقا، غدت ممنوعة من حضوره. 
بهذا المعنى فالقمة هي ناد للنظم السياسية الديمقراطية، لكن قيم الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية وحكم القانون والرخاء والتنمية المستدامة، التي تعتبر المبادئ الرئيسية لهذا النادي، تم امتحانها عمليا مع تأسيس ما سمي "مجموعة الثمانية" التي ضمت روسيا إلى "قمة السبع" وهو امتحان استمر منذ 1997 حتى عام 2014، حين تم تجميد عضوية موسكو، وحلت العاصمة البريطانية لندن مكان مدينة سوتشي الروسية التي كان مقررا لها أن تستضيف القمة الأخيرة تلك، وذلك بسبب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم. 
كانت محاولة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2020 إعادة روسيا إلى المجموعة هي الامتحان الثاني لمبادئ القمة ولطبيعتها السياسية، فالعودة كانت ستعتبر نصراً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصيا، وكذلك لسياسة المواجهة الاستراتيجية مع المنظومة الديمقراطية، كما كانت تعبيرا عن تحويل الشذوذ، الذي يمثّله نهج ترامب المتطرّف سياسيا، إلى قاعدة، وبإفلاتها من ضغوط ترامب ـ بوتين، أفلتت المنظومة من مصير كان سيؤدي على الأغلب، إلى انهيار معناها ومبناها السياسيين. 
إحدى بصمات ترامب العديدة أيضا على المجموعة كانت رفضه الالتزام بحرية التجارة بين الدول الصناعية، وكذلك خروجه من اتفاقية باريس للمناخ، ومواقفه السلبية من حلف الأطلسي، وساهم انتخاب الرئيس الأمريكي جو بايدن في وقف التصدّع في هذه المنظومة، وفي العودة إلى العمل مع الاتحاد الأوروبي وكندا كمجموعة موحدة ليس في قضايا الضرائب والتجارة والمناخ بل كذلك في الموقف من الصين، التي تعتبر تهديدا كبيرا لسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية الاقتصادية، كما تمثّل (مع روسيا وبضعة بلدان أخرى) تهديدا لمجمل المنظومة السياسية الغربية. 
كان هذا الموقف واضحا في بيان وزراء خارجية دول مجموعة السبع، الأربعاء الماضي، الذين أدانوا انتهاكات الصين لحقوق الإنسان في إقليم شينجيانغ، و"استهداف الأويغور وأفراد الأقليات العرقية والدينية الأخرى" كما أدانوا "سلوك روسيا غير المسؤول والسلبي" والانقلاب العسكري في ميانمار، و"الفظائع المستمرة التي يرتكبها نظام الأسد وداعموه". 
يمثّل الحضور الفعلي لقادة الدول السبع إلى الاجتماع في مدينة كورنويل الساحلية البريطانية إشارة رمزية كبرى لبدء خروج العالم من وطأة وباء كورونا، وكان مميزا أن جزءا من القرارات والتصريحات كانت بخصوص تأمين كميات كافية من اللقاح لدول العالم الفقيرة، كما يمثّل تركيز القمة على قضية المناخ إشارة أخرى مهمّة للعالم، تقول إن هذه المنظومة السياسية الكبرى تهتم فعلا بالعالم وليست ناديا خاصا للأغنياء، من دون التغاضي عن القضايا السياسية والأمنية الكبرى التي تشغل البشرية.